وانتشر الخبر في رجب أنّ حامدا إنّما استتر لأنّ المقتدر كتب إليه ينكر خروجه من واسط على تلك الحال التي خرج عليها ويأمره أن يستتر ويوافى بغداد حتى يتوثّق منه ويأخذ خطّه بما بذل أن يضمن به ابن الفرات والمحسّن وكتّابهما وأسبابهما ليسلّم الجماعة إليه فاستتر المحسّن والفضل والحسين والحسن أولاد أبي الحسن ابن الفرات وحرمهم وأكثر الكتّاب ولم يبق في دار ابن الفرات من كتّابه الذين يحضرون مجلسه إلّا أبو القاسم ابن زنجي وحده. فأنكرت أمّ موسى هذه الحال وغطّت وجهها حياء منه. قال أبو الحسن: سعر شباك الألمنيوم يعنى بالسادة المقتدر ووالدته وخالته وخاطف ودستنبويه أمّ ولد المقتدر لأنّهم إذ ذاك يدبّرون الأمر معا لحداثة المقتدر. » فاجتهد جهده فلم أجبه إلى شيء، فلمّا كان من الغد دخل إلى الحبس ومعه أمّ موسى فطالب بذلك وأسرف في سبّى وشتمي ورمانى بالزنا، فحلفت بالطلاق والعتاق والأيمان المغلظة أنّى ما دخلت في شيء من محظور هذا الجنس منذ نيّف وثلاثين سنة وسمته أن يحلف بمثل ذلك إنّ غلامه القائم على رأسه لم يأته في ليلته تلك. ثم صرف الأمر إلى ابن الفرات وقد كان شرط على ابن الفرات أن يجريه على رسمه في وزارته الثانية، فإنّه لم يكن يصل مع ابن الحوارى ظاهرا وإنّما كان يصل سرّا. قال النووي في تهذيبه الصديق أحد الصحابة الذين حفظوا القرآن كله وذكر هذا أيضا جماعة منهم ابن كثير في تفسيره وأما حديث أنس " جمع القرآن في عهد رسول الله ﷺ أربعة " فمراده من الأنصار كما أوضحته في كتاب الإتقان وأما ما أخرجه ابن أبي داود عن الشعبي قال مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولم يجمع القرآن كله فهو مدفوع أو مؤول على أن المراد جمعه في المصحف على الترتيب الذي صنعه عثمان رضي الله عنه.
قد رماه الإله بالخذلان وقال أبو سعد إيذج في موضعين أحدهما بلدة من كور الأهواز وبلاد الخوز ينسب إليها جماعة من ولد المهدي بن المنصور مطابخ 2024، منهم أبو محمد يحيى بن أحمد بن الحسن بن فورك الإيذجي. « دخل إليّ أبو الهيثم العبّاس بن محمّد بن ثوابة الأنبارى في محبسى من دار المقتدر بالله فطالبني أن أكتب خطّى بثلاثة عشر ألف ألف دينار. وأمر ابن الفرات بكبس مواضع فيها أسباب حامد وكتّابه فأثارهم، وكان المحسّن يسرف في المكروه الذي يوقعه بمن يحصل في يده منهم حتى إنّه أحضر ابن حمّاد الموصلي وأخذ خطّه بمائتي ألف دينار وسلّمه إلى مستخرجه، فصفعه المستخرج صفعا عظيما فلم يرض المحسّن ذلك وأخرجه إلى حضرته وصفعه على رأسه حتى خرج الدم من أنفه وفمه ومات ولم ينكره المقتدر وقد كان أشفق المحسّن من إنكاره وخافه خوفا شديدا. وتقلّد أبو الحسن عليّ بن محمّد بن الفرات الوزارة الثالثة في ذلك اليوم وخلع عليه واستدعى المقتدر بالله المحسّن ابنه من منزله بسوق العطش فخلع عليه مع أبيه ولم يوصل المقتدر بالله إليه في ذلك اليوم أبا القاسم ابن الحوارى وظهر أولاد ابن الفرات وأسبابه واستتر بعض أسباب حامد وقبض المحسّن في طريقه على جماعة من أسباب حامد. أحسن المحسِّن أحسن وكان استتر أبو الحسين محمّد بن أحمد بن بسطام صهر حامد بن العبّاس فاستخرجه واستخرج منه ستين ألف دينار وأخذ خطّه بمائتي ألف دينار بعد مكروه غليظ وغضبه على خادم يعرف بموج كان مشهورا بالميل إليه وقبض على جماعة فأخذ خدمهم وغلمانهم الروقة وأوقع بهم المكاره.
ثم أسرّ إلى العبّاس الفرغاني حاجبه بأن يقبض على ابن الحوارى وجميع أسبابه، فقبض عليهم واعتقلهم في حجرة الدار واستحضر ابن الفرات في الوقت شفيعا اللؤلؤي فأنفذه إلى دار ابن الحوارى ليحفظها من النهب وضمّ إليه جماعة من الفرسان والرجّالة وأمر بمعاملته بالجميل في مطعمه ومشربه وأفردت له دار واسعة وفرشت بفرش نظيف وأفرده عن كتّابه ومن يأنس به وراسله ابن الفرات في المصادرة وتوسّط ابن قرابة بينهما. وكان أخوه محمّد بن خلف مصاهرا له وأظهر لجماعتهم الإكرام والإختصاص وما زال يضاحكهم إلى أن حصل في داره. » فتلقّى ابن الحوارى قوله بالشكر وإظهار المناصحة وأنشأ ابن الفرات معه حديثا طويلا ونهض قبل أن يستتمّه ونزل إلى طيّاره وأنزل معه ابن الحوارى وأحمد بن نصر البازيار ابن أخيه ومحمّد بن عيسى صهره وعليّ بن مأمون الإسكافي كاتبه وعليّ بن خلف النيرمانى. سمع خلف بن هشام ويحيى بن معين ومحمد بن سعد وغيرهم، وعنه الحنطبي والطوماري، وكان عسرا في التحديث إلا لمن لازمه، وكانت له معرفة جيدة بالأخبار والنسب والشعر وأسماء الرجال، يميل إلى مذهب العراقيين في الفقه، قال عنه الدارقطني: كم سعر باب الالمنيوم ليس بالقوي. أي مملوء غيظا على أولاده، يردد حزنه في جوفه ولا يتكلم بسوء والحزن عرض طبيعي للنفس ولا يذم شرعا إلا إذا بلغ بصاحبه أن يقول أو يفعل ما لا يرضى الله تعالى، ومن ثم قال النبي ﷺ عند موت ولده إبراهيم وقد جعلت عيناه تذر فان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله: « يا ابن عوف إنها رحمة » ثم أتبعها بأخرى فقال: « إن العين، تدمع وإن القلب ليخشع، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم محزون » رواه الشيخان وغيرهما.
« إنّ المقتدر بالله لم يأذن لك عند تقليده ابن الفرات مع علمه بالعداوة بينكما إلّا لسوء رأيه فيك. المطابخ الأمريكية التي تتسم بالبساطة واللون الموحد وتحتاج إلى توصيلات خاصة بها عند تركيبها باحترافية تركيب عالية. فلمّا كان يوم الخميس لتسع بقين من شهر ربيع الآخر وقد انحدر عليّ بن عيسى إلى دار السلطان قبض عليه وحبس عند زيدان القهرمانة في الحجرة التي كان فيها ابن الفرات، فأخرج منها ابن الفرات ليقلّد الوزارة. وكان ابن قرابة متحقّقا بابن الفرات وشديد الأنس بابن الحوارى، فتقرّرت مصادرته بعد خطاب كثير على سبعمائة ألف دينار في نفسه دون كتّابه وأسبابه واشترط إطلاق أحمد بن نصر البازيار لينصرف في أداء مال التعجيل وهو مائتان وخمسون ألف دينار فأطلق وأزيل التوكيل عن دار ابن الحوارى وأسبابه وسلّم جميعها إلى أحمد بن نصر. » فرسم المقتدر لهارون بن الخال أن ينفذ كاتبه وللوزير أن يضمّ إليه ثقته حتى يصيرا مع ابن قرابة إلى أبي الحسين ابن أبي عمر ويخاطبه بحضرتهما. وفي شوال مات عبد الله بن أبي بكر الصديق.