قال يحيى بن جرير الطبيب التكريتي النصراني في السنة السادسة من موت الإسكندر بنى سلوقوس الملك في السنة السادسة عشرة من ملكه مدينة اللاذقية وسلوقية وأفامية وباروا وهي حلب وأذاسا وهي الرها وكمل بناء إنطاكية. فمكثت كذلك خمس عشرة سنة، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي. ثم قال لأصحابه: باكروني غدا إلى الصبوح، ونهض إلى بيت منامه فما أصبح حتى قبض عليه مؤيد الدولة وأخذ جميع ما في داره من الحواصل والأموال، وجعله مثلة في العباد، وأعاد إلى وزارته ابن عباد. فقال له: أنواع المطابخ الألمنيوم بالصور لم أسمع بمثل هذا فأمله عليّ حتى أكتبه. فأجابه فيها بجوابات كثيرة، فقال: يا أبا القاسم ألم أكن أعرف فيها سوى ثلاثة أجوبة مما ذكرت فأعدها عليّ. فيها قدم القاسم بن سيما من بلاد الروم، فدخل بغداد ومعه الأسارى والعلوج، بأيديهم أعلام عليها صلبان من الذهب وخلق من الأسارى. وفيها: التقى مفلح الساجي وملك الروم الدمستق، فهزمه مفلح وطرد وراءه إلى أرض الروم، وقتل منهم خلقا كثيرا. وفيها: ملك ركن الدولة بن بويه مدينة أصبهان، أخذها من وشمكير أخي مرداويج، لقلة جيشه في هذا الحين. مدينة صغيرة في طرف برية حلب قرب تدمر وهي ذات نخل وزيتون، وهي من فتوح خالد بن الوليد في اجتيازه من العراق إلى الشام.
ومعناه أن المسلمين كانوا إذا نزلوا على حصن أو مدينة وخافهم اهله فخرجوا إلى المسلمين وبذلوا لهم عن ناحيتهم مالا أو خراجا أو وظيفة يوظفونها عليهم ويؤدونها في كل عام على رؤوسهم وأرضهم أو مالا يعجلونه لهم أي أنها لم تفتح عن غلبة كما كان العنوة بمعنى الغلبة. كان من أهل العلم والزهد، ووثقه الدارقطني، كان مأمونا ناسكا. قال: وقد وضع كتابا في قدم العالم، ونفي الصانع، وتصحيح مذهب الدهرية، والرد على أهل التوحيد، ووضع كتابا في الرد على محمد رسول الله ﷺ في سبعة عشر موضعا، ونسبه إلى الكذب - يعنى النبي ﷺ - وطعن على القرآن، ووضع كتابا لليهود والنصارى، وفضل دينهم على المسلمين والإسلام، يحتج لهم فيها على إبطال نبوة محمد ﷺ إلى غير ذلك من الكتب التي تبين خروجه عن الإسلام. وبالأبواء قبر امنة بنت وهب أم النبي ﷺ السبب في دفنها هناك أن عبد الله والد رسول الله ﷺ كان قد خرج إلى المدينة يمتار تمرا فمات بالمدينه فكانت زوجته آمنة بنت وهب بن عبد مناف زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب تخرج في كل عام إلى المدينة تزور قبره فلما أتىعلى رسول الله ﷺ ست سنين خرجت زائرة لقبره ومعهاعبد المطلب وأم أيمن حاضنة رسول الله ﷺ فلما صارت بالأبواه منصرفة إلى مكة ماتت بها ويقال:إن أبا طالب زار أخواله بني النجار بالمدينة وحمل معه آمنة أم رسول الله ﷺ فلما رجع منصرفا إلى مكة مات آمنة بالأبواء.
وقال القاضي أحمد بن كامل: اسعار ابواب الالمنيوم لم يكن لأصحاب الشافعي بالعراق أرأس منه، ولا أورع: كان متقللا في المطعم على حالة عظيمة فقرا وورعا وصبرا، وكان ينفق في كل شهر أربعة دراهم، وكان لا يسأل أحدا شيئا، وكان قد اختلط في آخر عمره، توفي في المحرم منها. محمد بن طاهر بن عبد الله بن الحسن بن مصعب من بيت الإمارة والحشمة، باشر نيابة العراق مدة ثم خراسان، ثم ظفر به يعقوب بن الليث في سنة ثمان وخمسين فأسره، وبقي معه يطوف به الآفاق أربع سنين، ثم تخلص منه في بعض الوقعات ونجا بنفسه، ولم يزل مقيما ببغداد إلى أن توفي في هذه السنة. وذكر أن طائفة من الأمراء خلعوا المقتدر وبايعوه بالخلافة يوما وليلة، ثم تمزق شمله واختفى في بيت ابن الجصاص الجوهري، ثم ظهر عليه فقتل، وصودر ابن الجصاص بألفي دينار، وبقي معه ستمائة ألف دينار. وفيها: وردت هدايا كثيرة من الأقاليم من ديار مصر وخراسان وغيرها، من ذلك خمسمائة ألف دينار من مصر استخرجت من كنز وجد هناك من غير موانع كما يدعيه كثير من جهلة العوام وغيرهم من ضعيفي الأحلام، مكرا وخديعة ليأكلوا أموال الطغام والعوام أهل الطمع والآثام، وقد وجد في هذا الكنز ضلع إنسان طوله أربعة أشبار وعرضه شبر، وذكر أنه من قوم عاد فالله أعلم.
وفيها: وقع طاعون بأرض فارس مات فيه سبعة آلاف إنسان. وفيها: ورشة المنيوم الرياض حملت بغلة ووضعت مهرة. توفي في المحرم منها. أبو عبد الله الحافظ بن الحافظ كان أبوه يستعين به في جمع التاريخ، وكان فهما حاذقا حافظا، توفي في ذي القعدة منها. قال أبو نعيم: كان أبو عبد الله المغربي من المعمرين، توفي عن مائة وعشرين سنة، وقبره بجبل طور سينا عند قبر أستاذه علي بن رزين. توفي الوزير حامد بن العباس في رمضان منها مسموما. ذكره ابن الجوزي في (منتظمه). وحج بالناس أمير الحجيج المتقدم ذكره في السنين قبلها وهو الفضل بن عبد الملك الهاشمي العباسي أثابه الله وتقبل منه. وقد ذكره ابن خلكان في الوفيات وقلس عليه ولم يخرجه بشيء، ولا كأن الكلب أكل له عجينا، على عادته في العلماء والشعراء، فالشعراء يطيل تراجمهم، والعلماء يذكر لهم ترجمة يسيرة، والزنادقة يترك ذكر زندقتهم. وقد ذكر له ابن خلكان مصنفات كثيرة، منها (طبقات الشعراء) وكتاب (أشعار الملوك) وكتاب (الآداب)وكتاب (البديع)، وكتاب في الغناء وغير ذلك. عم الوزير علي بن عيسى، كان من أعلم الناس بالأخبار وأيام الخلفاء، له مصنفات في ذلك روى عن عمر بن شيبة وغيره، كانت وفاته في ربيع الأول منها عن ثلاث وخمسين سنة.