البداية والنهاية/الجزء الحادي عشر/صفحة واحدة

البداية والنهاية/الجزء الحادي عشر/صفحة واحدة

Odell 0 2 05:18

وكان بنيّ بن نفيس أنفذ جماعة من القرامطة إلى بغداد ذكر أنّهم استأمنوا إليه وأنّهم زعموا أنّ عليّ بن عيسى كاتبهم بالمصير إلى البصرة وأنّه وجّه إليهم في عدّة أوقات بهدايا وسلاح فوافوا بغداد وأنهى ابن الفرات الحال في ذلك إلى المقتدر بالله. لمّا قبض المقتدر على عليّ بن عيسى وجعله في يد زيدان القهرمانة، راسله بأن يقرّ بأمواله. « ابن الفرات الكافر الفاجر المجاهر بالرفض عاهدني وحلف لي بأيمان البيعة والطلاق، على أنّى إن أقررت بجميع أموالى لم يسلّمنى إلى ابنه المحسّن وصانني عن كلّ مكروه وأطلقنى إلى منزلي وولّانى أجلّ الأعمال، فلمّا أقررت له بجميع ما ملكته سلّمنى إلى ابنه المحسّن فعذّبنى بأصناف العذاب وأخرجنى مع فلان الخادم واحتال عليّ وسقاني بيضا وطرح فيه سمّا فلحقني الذرب ولا صنع للبزوفرى في دمى في هذا الوقت، ولكنّه فعل وصنع. ثم أخذ قطعة من أموالى وأمتعتى وجعل يحشوها في المساور البزيون المخلقة فتباع المسورة بخمسة دراهم وفيها أمتعة تساوى ثلاثة آلاف دينار فيشتريها هو فاشهدوا على ما شرحته لكم.


eurosymbol-01.jpg وأقام أبو طاهر بالبصرة سبعة عشر يوما ويحمل على جماله كلّ ما يقدر عليه من الأمتعة والنساء والصبيان، ثم انصرف إلى بلده فأنفذ إلى ابن الفرات في الوقت الذي ورد فيه خبر القرمطي بنيّ بن نفيس وجعفرا الزّرنجى إلى البصرة وقلّد محمّد بن عبد الله الفارقي أعمال المعاون بالبصرة وخلع عليه وانحدر في الطيّارات والشذاءات. وكتب صاحب الخبر بواسط إلى ابن الفرات بجميع ما تكلّم به حامد. فأخذ ابن الفرات خطّه بذلك وبادر بالركوب إلى المقتدر من غير أن يحضر معه المحسّن ولا عرّفه شيئا من الخبر. » قال: ورشة المنيوم « ما بقي غير ضيعتي. وذاك انّ أكثر أصحاب السلطان كرّوا إلى بغداد منهزمين لمّا بلغهم وصول أبي طاهر إلى النهر من غير أن يروهم أو يقع عين عليهم لعظيم ما تداخل القلوب من الرعب بعد الحادث بابن أبي الساج. فإمّا أقام في داره مكرما وإمّا خرج إلى فارس متقلّدا لها أو إلى أيّ بلد أحبّ مع خادم من خدم السلطان يحفظ نفسه، ووكّد اليمين على ذلك. » ووكّد له الأيمان. ثم سلّمه إلى خادم له مع خمسة من الفرسان وعشرة من الرجّالة ليحدروا به إلى واسط، ويبيع ضياعه وأملاكه. وهرب الناس إلى الكلّاء، فكانوا يحاربونهم عدّة أيّام ثم أخذهم السيف فطرحوا أنفسهم في الماء فغرق أكثرهم. فعند ذلك ركن حامد إلى قوله ويمينه وأقرّ له من الدفائن في البلاليع احتفرها وتولّى هو بنفسه دفن المال فيها بخمسمائة ألف دينار، وأقرّ بأنّ له عند جماعة من الوجوه والشهود نحو ثلاثمائة ألف دينار وأقرّ بأنّ له كسوة وطيبا مودعة بواسط.


» ووجّه بالكتاب إلى حامد فأظهر له حامد الاستجابة إلى الإشهاد على نفسه بما فيه. وثبت أيضا في الصّحيح «لا يزال هذا الأمر في هذا الحيّ من قريش» وأمثال هذه الأدلّة كثيرة إلّا أنّه لمّا ضعف أمر قريش وتلاشت عصبيّتهم بما نالهم من التّرف والنّعيم وبما أنفقتهم الدّولة في سائر أقطار الأرض عجزوا بذلك عن حمل الخلافة وتغلّبت سعر شباك ألمنيوم عليهم الأعاجم وصار الحلّ والعقد لهم فاشتبه ذلك على كثير من المحقّقين حتّى ذهبوا إلى نفي اشتراط القرشيّة وعوّلوا على ظواهر في ذلك، مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم «اسمعوا وأطيعوا وإن ولّي عليكم عبد حبشيّ ذو زبيبة» وهذا لا تقوم به حجّة في ذلك فإنّه خرج مخرج التّمثيل والغرض للمبالغة في إيجاب السّمع والطّاعة ومثل قول عمر «لو كان سالم مولى حذيفة حيّا لولّيته أو لما دخلتني فيه الظّنّة» وهو أيضا لا يفيد ذلك لما علمت أنّ مذهب الصّحابيّ ليس بحجّة وأيضا فمولى القوم منهم وعصبيّة الولاء حاصلة لسالم في قريش وهي الفائدة في اشتراط النّسب ولمّا استعظم عمر أمر الخلافة ورأى شروطها كأنّها مفقودة في ظنّه عدل إلى سالم لتوفّر شروط الخلافة عنده فيه حتّى من النّسب المفيد للعصبيّة كما نذكر ولم يبق إلّا صراحة النّسب فرآه غير محتاج إليه إذ الفائدة في النّسب إنّما هي العصبيّة وهي حاصلة من الولاء فكان ذلك حرصا من عمر رضي الله عنه على النّظر للمسلمين وتقليد أمرهم لمن لا تلحقه فيه لائمة ولا عليه فيه عهدة.


DSC0117.jpg ولا يعارض ذلك بما وقع في الفتوحات الإسلاميّة وكيف كان استيلاؤهم على فارس والرّوم لثلاث أو أربع من وفاة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم واعلم أنّ ذلك إنّما كان معجزة من معجزات نبيّنا سرّها استماتة المسلمين في جهاد عدوّهم استبعادا بالإيمان وما أوقع الله في قلوب عدوهم من الرّعب والتّخاذل فكان ذلك كلّه خارقا للعادة المقرّرة في مطاولة الدّول المستجدّة للمستقرّة وإذا كان ذلك خارقا فهو من معجزات نبيّنا صلوات الله عليه المتعارف ظهورها في الملّة الإسلاميّة والمعجزات لا يقاس عليها الأمور العاديّة ولا يعترض بها والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التّوفيق. ثمّ إنّ نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشّرع بإجماع الصّحابة والتّابعين لأنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النّظر إليه في أمورهم وكذا في كلّ عصر من بعد ذلك ولم تترك النّاس فوضى في عصر من الأعصار واستقرّ ذلكإجماعا دالا على وجوب نصب الإمام. فلمّا أعيت ابن الفرات الحيلة فيه خلا به في داره من دور حرمه من حيث لم يحضر معهما أحد من خلق الله ورفق به وحلف له على أنّه إن صدقه عن أمواله وذخائره لم يسلّمه إلى المحسّن ولم يخرجه عن داره وحفظ نفسه. فسرّ المقتدر بذلك ووعده أن يسلّم إليه كلّ من ضمنه من نصر الحاجب وشفيع اللؤلؤي وغيرهما وأشار ابن الفرات بإنفاذ شفيع لتسلّم هذا المال بواسط.



If you loved this posting and صيانة مطابخ شرق الرياض you would like to get additional data about سعر متر المنيوم الشبابيك kindly stop by our own web-site.

Comments